ﺇنَّنا نَلتَقي اليومَ في هذا الصَّرْحِ التَّعْليمِيِّ لنَحتفِلَ معاً بتخريجِ باقةٍ أخرى من رياحينِ هذا البلدِ العزيزِ كما ونَحتَفِلُ بإضافةِ لبَنَةٍ جديدةٍ في صرحِ العلمِ والثَّقافَةِ في بلدِنا وفي مجتمعِنا. إنَّ تخَريجَ فَوْجٍ جَديدٍ من طُلاّبِنا يَعني بالنِّسبَةِ لي شخصياً، الكَثير . فهوَ يَعني أنَّنا -كَمدْرسَةٍ- نجحْنا في إعدادِ فوْجٍ آخَر من بُناة هذا المجْتمَعِ. وهو يَعني أنَّنا نجَحنا في أنْ نُساهمَ في بناءِ جيلٍ يقفُ بثباتٍ على هذه الأرضِ الَّتي لن يستطيعَ أن يقفَ عليها إلاّ مَن يُتْقِنُ الثَّبات.

 

إنَّ طموحَنا الأعلى في هذِهِ المدرسَةِ ذاتِ التَّاريخِ العَريقِ، هو أنْ ننجحَ في أن نقفَ هذِهِ الوقفة في كلِّ عامٍ من أجلِ جَني ثمارِ ما زَرَعْناه في كُلِّ جيلٍ انْضَمَّ وعاشَ في أحضانِ هذه المدرسة مُدَّةَ ثلاثِ سنواتٍ. إنَّنا نَسْعى دائِمًا لتكونَ ثمارُنا ناضِجَةً شَهِيَّةً صالحَةً لا تشوبُها شائِبَةٌ. إن جُلَّ اهتِمامِنا يتَركَّزُ في إعدادِ أكبرِ عدَدٍ مُمْكِنٍ من طُلَّابِنا للتَّعليمِ الجامِعِيّ بشَتَّى مَجالاتِه. ولكنَّ جُلّ َسعْيِنا يترِكَّزُ في إعدادِ الطِّالِبِ ليكونَ انساناً ذا قيم ومُثُلٍ وأخلاقٍ. فهذا هو واجِبنُا الإنسانيّ والأخلاقيّ اتِّجاه مجتَمَعِنا وشَعبِنا.

 

وأنا أرى أنَّ هذا الأمرَ ما كانَ لهُ أنْ يتَحَقَّقَ من دونِ الجهودِ المتواصِلَةِ الَّتي نبذلُها جميعاً: تفتيشًا، إدارةً، معلمين، طلاباً، آباء وبَلديَّة. إنَّ تكاتفَنا جميعاً لَكفيلٌ بتحقيقِ جميعِ الغاياتِ الَّتي نَصبو إليها ونطمحُ في تحقيقِها.

 

وهنا أوَدُّ أن أشكرَ مديرَ المدرسَةِ، المُرَبي فيصل طه، هذا المديرُ الحكيمُ والحليمُ، الَّذي يؤمِنُ بأهميَّةِ رسالتِهِ، حيثُ تراهُ يتعامَلُ مع الطُّلابِ كما يتعاملُ مع أبنائِهِ ويقومُ بتوجيهِ الطُّلابِ ويرشِدُهُم لاتخِّاذِ قراراتٍ سليمةٍ تَصُبَّ في مصلحتِهِم، فهوَ لَهُم الأبُ والمرَبي والقائِد.

 

أشكرُ أيضًا المعلِّمين على إخلاصِهِم وتفانيهم في العملِ، فالمعلِّمُ هو رئيسُ فِرْقَةٍ موسيقِيَّةٍ يجبُ عليهِ أن يسمحَ لكُلِّ عازفٍ أنْ يُبرعَ... كما لو أنَّ كلَّ عازفٍ يؤَدِّي معزوفتَهُ بشَكلٍ انفِرادِيّ. فكلُّ مربٍ في هذا الصَّرحِ التَّعليمِيِّ يعملُ على إيصالِ كُلِّ فردٍ إلى أقصى مراتِبِ الجودةِ الَّتي يمكنُ أن يحقِّقَها ايماناً منه بأنَّ مهنةَ التَّعليمِ مهنَةٌ تُعلِّمُ كلَّ المهنِ الأخرى...

 

تجدرُ الإشارةُ هنا، أنه على الرَّغمِ من تسلُّمي وظيفة التَّفتيشِ منذُ خمسةِ شهورٍ إلاَّ أنَّني استطَعْتُ أرى أن المدرسَةَ تسيرُ من نجاحٍ إلى نجاح حيثُ تشهدُ ثانويةُ الجليلِ التَّجريبيَّة نجاحاتٍ كبيرةً ومتنوِّعةً على جميعِ الأصعدَةِ: فنتائجُ الطلَّابِ في امتحاناتِ البجروت هي نتائج بترفع الرأس. أشيرُ هنا إلى أنَّ المدرسةَ أخذَتْ على عاتقِها تحسينَ نوعِيَّة شهادة البجروت التي يحصلُ عليها الطالبُ وذلكَ من اجلِ إتاحةِ الفرصةِ أمامه للالتحاقِ بالجامعاتِ واختيار مواضيع ذات الجودةِ كعلومِ الطّبِّ والمحاماةِ والهندسَةِ والحساباتِ وغيرها من المواضيع التي يطمحُ طلابُنا الالتحاقَ بها.

 

بالإضافةِ إلى العديدِ من الإنجازاتِ التَّي حقَّقَتْها المدرسةُ في شتَّى الميادين والجوائز التي حصدتها أيضا... إنَّ ما يهمُّنا في الدِّرجَةِ الأولى من هذه المشاريعِ والنَّشاطاتِ هو تنميَةُ مهارات وقدرات طلابنِا من الناحيةِ التَّعليميَّة والثقافيَّة والعَمَليَّة.

 

وكلمتي الآن موَجَّهَةٌ إلى طلابِنا الأعزاء...

إنَّكم في هذا اليوْمِ تقِفونَ على مفترِقِ طرقٍ هامٍّ وحاسمٍ في حياتِكُم. أتمنَّى لَكم أن تواصِلوا طريقَ العلمِ فهوَ الَّذي يحقِّقُ المجدَ لكُم ولمجتَمَعِكُم.

 

وكما قال الإمامُ الشافعي:

 

وتذكروا أيضًا:

 

إنَّ النَّجاحَ حليفُ كلِّ مثابرٍ والنَّجاحُ تخلقُه الإرادةُ والتَّصميمُ والعزيمة. أوصيكم بالتَّخطيطِ السَّليمِ حتى تنجحوا في حياتِكُم وتذكَّروا أنَّ الوقتَ يمرُّ كالسَّيف وعليكم الجد في حياتكم حيث إنَّ من جَدَّ وجدَ ومن زَرَعَ حَصَدَ.

 

وصدق الصَّفدي حين قال:

 

 

عليكم السَّعي في حياتكم، حيث أنَّ الله يهبُ كلَّ طائرٍ رزقَهُ... ولكنَّهُ لا يلقيهِ لهً في العُش.

 

 

ختامًا لا يسَعُني إلاَّ أنْ أباركَ لكم تخرُّجَكم وأتمنى لكم حياةً سعيدةً ملؤُها النجاحُ والتوفيقُ!!! وأقولُ لَكُم: أنتُم مِلحُ الأرضِ ونورُ العالمِ، انتم أبناءُ الحياةِ المشُتاقةِ إلى نفسِها وانتم مَنْ يشعِرُنا بأنَّ هنالِكَ على الأرضِ ما يستحِقُّ الحياة..