عادت على الطائر الميمون، مكللة بالورد والغار، البعثة الطلابية من مدرسة الجليل التجريبية - الناصرة إلى النمسا، وذلك بعد أن شاركت في مخيم للسلام أقيم في قرية ريبرز الواقعة على الحدود النمساوية – الهنغارية، في الفترة من 2 إلى 13 حزيران 2009، وضمّ أربع مجموعات من أبناء الشبيبة من خلفيات ثقافية وشعوب مختلفة: هنغاريا، النمسا، يهود من إسرائيل، عرب الداخل.
مثـّل المدرسة والدولة الفلسطينية في هذا المخيم، بالإضافة للمعلمة نظيرة طه، الطلاب الآتية أسماؤهم: جمان خالد زعبي، ياسمين عماد إبراهيم، مروة سليم بياطرة، عبير محمد عمري، دنيا منذر أبو النعاج، محمد عدنان حسين، محمد سعيد إسماعيل، وأمجد عوني ملحم، بينما مثّل دولة إسرائيل مجموعة من طلاب يهود من مدرسة كرميل-زبولون من كيبوتس الياجور، أما النمسا وهنغاريا فقد مثلهما طلاب من مدرستين ثانويتين في فيينا وبودابست.
وكانت مشاركة البعثة الطلابية من مدرسة الجليل مشاركة ايجابية وفعالة، حيث تميزت البعثة بحسن التنظيم والقدرة على الإقناع، وكانت على قدر كبير من المسؤولية. استطاعت من خلال النقاشات عرض مطالب الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته إلى جانب دولة إسرائيل، كما تفوقت البعثة الطلابية أيضا في معظم النشاطات والفعاليات.
وقد اشتمل المخيم على العديد من الفعاليات والنشاطات التي هدفت إلى تنمية لغة الحوار والسلام وتقبل الغير لدى المجموعات المشاركة، ومن ضمن هذه البرامج: حلقات عمل إبداعية، ورشات عمل في الهواء الطلق، حلقات نقاش تهدف إلى تقريب وجهات النظر للوصول إلى السلام بين المجموعات المشاركة، يوم مفتوح من أجل السلام، عرض محوسب للتاريخ المعاصر، أمسيات ثقافية وفولكلورية.
في الأمسية الثقافية قام طلاب المدرسة بتنظيم عرس فلسطيني تضمن سهرة الحناء، تجلاي للعروس، حلاقة للعريس ودبكة شعبية، وأصنافا متعددة من الأكلات الشعبية الفلسطينية، كما أقامت البعثة الطلابية عرضا تعريفيا محوسبا اشتمل استعراضا لتاريخ فلسطين المعاصر وللصراع العربي الإسرائيلي، فيما قامت المجموعة اليهودية بالتحدث عن تاريخ اليهود المعاصر وتنظيم أمسية تحدثت عن كيفية استقبال السبت لدى اليهود. المجموعتان النمساوية والهنغارية قامتا بعرض رقصات من تراثهما.
بقي أن نذكر أن مدرسة الجليل التجريبية تشارك للمرة الثالثة على التوالي في هذا المخيم، وقد حظيت المجموعات المشاركة في هذا النشاط بإطراءات المسؤولين عن هذا المخيم.
آراء وانطباعات أعضاء البعثة الطلابية عن المخيم
محمد إسماعيل: لقد كانت الرحلة مذهلة، ومن الرائع لقاء أصدقاء جدد من حضارات وخلفيات مختلفة. تعلمت من الرحلة احترام الغير والتفاهم مع الآخرين بلغة الحوار فقط، وتعلمت أيضًا الالتزام والاعتماد على نفسي. كانت الأجواء رائعة وخالية من العنصرية من جميع المشاركين حتى اليهود، وكانت الأجواء في النقاشات متوترة بشكل عام وكانت ساخنة في بعض الأحيان. استطعنا من خلال هذا المخيم إيصال رسالتنا واستطعنا إقناع اليهود أن الحل الأمثل للصراع العربي – الإسرائيلي هو قيام دولة فلسطينية.
ياسمين إبراهيم: لا اعرف كيف ابدأ وكيف سأعبر عن مشاعري. لم أدرك يوما بأنني سأستمتع برحلة قدر ما استمتعت بهذه الرحلة. فعلا كانت تجربة من العمر. فمخيم السلام فهو عالم أخر تعيش فيه تحت غيمة السلام مع اهلك الجدد وهم من حضارات وثقافات وشعوب أخرى، وما يجمعك معهم هو رغبتك بان تعيش السلام. ولعل أجمل ما في هذه الرحلة أنه عند مغادرتي لبلدي متجهة إلى النمسا، أدركت أنني احمل مسؤولية كبيره وهي أنني أمثل شعبي وأعبر عن الصوت العربي مما جعلني أكثر حماسا ولقد استطعت أن أنجز هذه المهمة .
فعلا هذه التجربة أعطتني كنوزا من المعلومات استطعت من خلالها التعرف على حضارات وثقافات وعالم جديد. اشكر الله ومدرستي ومخيم السلام على هذه التجربة الرائعة.
جمان زعبي: كانت رحلة موفقة وناجحة بكل معنى الكلمة، وكان زملائي الطلاب والطالبات على قدرٍ كبير من المسؤولية. لقد تمتعت كثيرًا وكانت رحلة من العمر لن أنساها مهما عشتُ ومخيم السلام هذا كان رائعًا. استطعنا من خلال نقاشاتنا ومن خلال العروض التي قدمناها أن نكون مقنعين جدًا بعدالة موقفنا وقد تأثر الحاضرون وخاصة اليهود منهم بصدق طروحاتنا ومطالبنا كعرب في إسرائيل ومطالب الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة إلى جانب دولة إسرائيل. ومما لا شك فيه أن النقاشات كانت حادة في البداية إلى أن استطعنا أن نفرض رأينا على الجميع وقد أيدنا في ذلك ممثلو الهنغار والنمساويين ووقفوا معنا.
أشكر المعلمة نظيرة على ما قدمته، فقد رعتنا وكانت لنا أختًا وأمًا ولم تغفل عينها عنّا أبدًا.
دنيا ابو النعاج: بالنسبة لي، لقد كان مخيم السلام أهم خطوة قد قمت بها في حياتي حتى الآن، فمن خلال رحلتي هذه قمت بتوصيل الصوت العربي الفلسطيني إلى 24 شخصا لا يعرفون شيئًا عن معاناة هذا الشعب، ومن خلال أداء هذه المهمة شعرت بأنني قمت في إحداث تغيير حتى ولو كان بسيطا في العالم، لم أكن سأحققه إلا من خلال فرصة مثل هذا المخيم في الوقت نفسه طرأت على شخصيتي العديد من التغييرات الايجابية، فانا الآن بعد مخيم السلام أكثر ثقة وإيمان بقضيتنا وقدراتنا نحن الشباب على التوصل إلى حل لهذه القضية التي تشغل بالنا منذ أكثر من ستين عامًا. كما انه بالإضافة إلى هذه التغييرات المهمة فقد استمتعت بكل لحظة قضيتها في المخيم لان الصداقة التي جمعت بين إفراد المجموعة الـ 32 كانت فريدة من نوعها... وباختصار فان رحلتي إلى النمسا كانت – رحلة العمر!
عبير عمري: لم أكن أتوقع أن تكون الرحلة بهذا المستوى العالي من المسؤولية، فقد كان على المشاركين العرب في هذا المخيم الحمل الثقل والمسؤولية الكبيرة التي يحملونها كونهم عربا وفي هذا الجيل الصغير، فهم ذاهبون بالنيابة عن جميع الأمة العربية عامة والشعب الفلسطيني خاصة، فهذا فخر بالنسبة لي ولأصدقائي المشاركين في المخيم، وهذا ما جعل الرحلة رائعة وممتعة.
استطعنا نحن الطلاب العرب أن نوصل صوت العرب وموقفهم السياسي إلى باقي المجموعات، وقد تجلى ذلك خلال اللقاءات والنقاشات التي كانت تجرى بشكل يومي، حيث قال عدة طلاب من المجموعات الأخرى (يهود، نمساويون وهنغاريون) أن نظرتهم تجاه العرب والحضارة العربية قد تغيرت، فهاهم الآن يملكون أصدقاء عرب، فتكوين صداقات معنا نحن كعرب أكبر دليل على أننا حققنا انجازا رائعا في ما يتعلق بموقف العرب وإبراز صوت العرب بين الشعوب الأخرى.
|