:: صفحة البداية :: شؤون الساعة
في المدرسة
في الموقع
نحن نتعلم
galil PLUS
مشاريع وبرامج

 

 
 
إطلالة على دراسة جديدة حول ''مكانة الأدباء الفلسطينيّين في إسرائيل''
| 1/12/2015 | منى ظاهر (كاتبة وباحثة) |

"مكانة الأدباء الفلسطينيّين في إسرائيل" هو عنوان الدّراسة الّتي أنجزتها مجموعة من الطّالبات الموهوبات التّالية أسماؤهنّ: آلاء هريش، دنيا خطيب، تيماء صالح، مايا غريّب، نسرين صالح، ضمن تخصّص المجتمع المدنيّ بإشراف الأستاذ غانم حبيب الله في مدرسة الجليل الثّانويّة التّجريبيّة البلديّة من مدينة النّاصرة بإدارة المربّي فيصل طه.

هذه الدّراسة الّتي أنجزت مؤخّرًا اعتمدت المنهج الوصفيّ والمقابلات المعمّقة مع عيّنة الدّراسة الّتي ضمّت عددًا من الأدباء والأديبات المحلّيّين. وتشتمل في مدخلها النّظريّ على بيانات معلوماتيّة عن سيرة حياة  الشّعراء والأدباء:  نمر سعدي (1977، من قرية بسمة طبعون). سامي مهنّا (1971، من قرية البقيعة). أنوار سرحان (1975، من قرية نحف). منى ظاهر (1975، من مدينة النّاصرة).

وقد ارتكز سؤال البحث على فحص العلاقة بين الجمهور العربيّ الفلسطينيّ وتغييب مكانة الأدباء الفلسطينيّين المحلّيّين.  مع الإشارة إلى أنّ الفرضيّة كانت أنّه: كلّما ارتفع وعي الجمهور انخفض تغييب مكانة الأدباء الفلسطينيّين المحلّيّين.

وعليه، فقد طرحت استمارة الأسئلة المعمّقة عدّة تساؤلات أجاب عنها الأدباء والشّعراء المشاركون في البحث. نورد هنا هذه الأسئلة:

  1. ما هو رأيك بشأن مسألة تغييب الأديب المحلّيّ في مجتمعه؟
  2. ما مدى تعاملك مع المسألة في حياتك اليوميّة؟
  3. هل وجدت دعمًا من مجتمعنا الفلسطينيّ في الدّاخل لمشروعك الأدبيّ؟ وإنْ وجد، كيف انعكس؟ وهل كنت تتوقّع دعمًا أكبر؟
  4. هل هناك تأثير لوعي الجمهور على مكانة الأديب؟
  5. هل مسألة تغييب مكانة الأديب المحلّيّ تقع على عاتق الجمهور وحده؟ أم هل هناك مسؤوليّة ملقاة على كاهل المبدع نفسه؟
  6. ماذا تقترح على المؤسّسات التّعليميّة كي تساهم في تحسين مكانة الأدب المحلّيّ؟

وقد بيّنت نتائج التّحليل المعمّق للمقابلات في ضوء ربطها مع السّيرة الذّاتية للمبدعين والمبدعات أنّ هناك العديد من العوامل الّتي من شأنها أن تؤثّر على تغييب مكانة الشّعراء والكتّاب. وهي كالتّالي:

  1. علاقة وطيدة بين مكانة المبدع والمشهد السّياسيّ الاجتماعيّ الثّقافيّ- لا شكّ أنّه ثمّة علاقةً وطيدةً بين مكانة الأدباء والمبدعين في أيّ مجتمع، وبين المستوى الحضاريّ لهذا المجتمع، تقدّمه وتطوّره. فالثّقافة هي الرّكن المؤسّس للحضارة، ومكانة الأديب أو المبدع تعكس التّطوّر الفكريّ للمجتمع،  تؤثّر وتتأثّر به. والمشهد الثّقافيّ والأدبيّ بشكل عامّ متأثّر بعوامل كثيرة، منها المستوى الحضاريّ والثّقافيّ العامّ، ومنها أسباب سياسيّة واجتماعيّة أخرى. في وضعيّتنا في البلاد، يبدو الأمر ذا خصوصيّةٍ أكبر، نظرًا  لتداخل المشهد السّياسيّ بالاجتماعيّ والثّقافيّ. فالأديب الفلسطينيّ في إسرائيل يتعرّض للتّغييب من المجتمع ومن المؤسّسة (الدّولة) على حدّ سواء. ويزداد الأمر صعوبةً إذا كانت الأديبة امرأة. فهي تقع تحت ضغط المجتمع كامرأة في مجتمع ذكوريّ بطريركيّ رجوليّ، وتحت ضغط السّاحة الأدبيّة المتأثّرة بخصوصيّات كثيرة أخرى، وتحت ضغط تغييب المؤسّسة السّياسيّة لها.
  2. تحوّل الفنون الأدبيّة نحو الحساسيّة الجديدة لكتابة الحداثة- أفرزت الحداثة بمنظومتها العامّة فجوة قابلة للاتّساع بين ثقافة الشّعراء والكتّاب الحقيقييّن والقارئ العاديّ، إذ أدّت إلى تراجع النّفسيّة العامّة المهتمّة بالأدب والشّعر، بعد أن كانت القصيدة القوميّة الجماهيريّة مثلًا هي الرّائجة والمحمّلة بالأيديولوجيّ والخطاب السّياسيّ، والّتي ينتظرها الجمهور في المناسبات الأدبيّة والثّقافيّة لأعلام من الدّاخل سطّروا تاريخًا خالدًا فيها، أمثال: محمود درويش، سميح القاسم وتوفيق زيّاد. ونحن اليوم في القرن الواحد والعشرين، لا بدّ من التّأكيد على مسألة الحساسيّة الخاصّة في الكتابة الإبداعيّة الجديدة، وفي التّحوّل النّوعيّ والجذريّ في هذه الكتابة الحداثيّة، والّتي تحمل أسئلة ورؤية مغايرة في نظرتها للقضيّة: الكتابة والنّصّ الإبداعيّ، الذّات والعالم. هذه الكتابة الحداثيّة والتّجريبيّة على وجه الخصوص تخلخل الفهم الكلاسيكيّ الضّيّق للالتزام في صميمه، لأنّها تحاول تفكيك التّقاليد الأدبيّة المحتكِمة للأيديولوجيّ، وتُحرِّر النّصّ الإبداعيّ من كلّ تبعيّة، ومن كلّ نظرة مسبّقة ومسلّمات. وتجعل الرّؤية إلى النّصّ الأدبيّ محتكِمة للقيمة الأدبيّة والجماليّة بالدّرجة الأولى، وهذا لا يعني التّنكّر للمجتمع والتّاريخ والواقع.  بل تُدخِل الكتابة في أفق مغاير، لا مألوف، لا مفكّر فيه، يجعلنا نصطدم بالأسئلة الهامشيّة أو المهمّشة والقضايا المنسيّة والعلائق الممكنة بين الأشياء والوجود.
  3. التّقليل من شأن المبدع من المؤسّسات الرّسميّة ومن الأفراد- في مجتمعنا الفلسطينيّ نعاني من نقص فعليٍّ في اهتمام القرّاء الأفراد أو/واهتمام المؤسّسات الثّقافيّة، بما فيها المدارس والمؤسّسات التّعليميّة بشكل أكبر بالكِتاب المحلّيّ، والانكشاف أكثر على إنتاج الكتّاب والكاتبات المحلّيّين والاطّلاع على إبداعهم الجادّ، من خلال قراءة الأعمال الأدبيّة المحلّيّة ودراستها واقتناء هذه الإصدارات للمكتبات المدرسيّة والعامّة، وليس الاكتفاء فقط باستضافة عابرة لعدد محدود من المبدعين والمبدعات في يوم واحد يعنى باللّغة العربيّة.
  4. عزلة المبدع الحقيقيّ وحاجته لقارئ انتقائيّ- مهما كان الاتّهام السّائد بأنّ المبدع مقصّر في الانكشاف على الجمهور، إضافة إلى  التّغييب من المؤسّسات الرّسميّة المحلّيّة والّتي في البلاد، على كافّة تخصّصاتها، أو من المصالح المبتذلة بين الأفراد المتنفّذين، وما فيها من تجارة ونخاسة ورياء وضيق أفق، فإنّ الكاتب الحقيقيّ يؤمن بأنّ نصّه هو من سينصفه. وسيكون ذلك عبر تطوير مشروعه الكتابيّ، والاشتغال بصبر وقوّة وجمال في عزلة ملكيّة من شأنها أن تدعم تفرّده. وعندها سيجد نصّه مكانته عبر قارئ انتقائيّ حصيف، وسينصف هذا النّصّ نفسه بنفسه شاء من شاء وكره من كره.
  5. تنافس الثّقافة والنّصّ الحقيقيّ مع إسهال الشّبكة العنكبوتيّة- اليوم ونحن في هذه القرية الصّغيرة بسبب التّطوّر التّكنولوجيّ والعلميّ، يمكن أن يصل الأدب الفلسطينيّ المحلّيّ الجيّد إلى العالم العربيّ وإلى العالم ككلّ، ليتلاقى مع النّقد الجادّ بعيدًا عن المحسوبيّات والعلاقات الشّخصيّة والمصالح المادّيّة.  لكن ومع ذلك، فإنّه تطفو على السّطح ثقافات مزيّفة تَفاقم وجودها في هذه الشّبكة العنكبوتيّة وفي العالم الافتراضيّ للتّواصل الاجتماعيّ، وقد طغى هذا الفاسد على النّصوص القيّمة لكتّابنا وشعرائنا المحلّيّين. ولم يعد القارئ العاديّ يفرّق بين الأدب الزّائف والحقيقيّ، وقد أدّت هذه الحالة إلى بروز أسماء رديئة على المستوى الثّقافيّ مقابل تهميش مبدعين جادّين، وسادت الحالة الوسطيّة الّتي يسهل على المتلقّي أن يتعامل معها.
  6. قمع حرّيّة التّعبير السّياسيّة خصوصًا- في هذه الأرض الّتي تملؤها النّزاعات السّياسيّة، قد يُعاقب الكاتب والشّاعر على مشاعره وكتاباته في دولة تدّعي الدّيموقراطيّة، وتؤمن بحرّيّة التّعبير بذريعة "التّحريض على نظام الدّولة". من هنا فإنّ أزمة الكاتب عمومًا ليست أزمة فرد/أفراد، بل هي أزمة جماعيّة، لأنّه أيضًا قد يتمّ منع عمل أدبيّ كامل أو قد يمارس عليه الحذف والتّشويه وعقاب صاحبه، بحجّة أنّه يكسر واحدًا أو أكثر من التّابوهات الثّلاثة: الدّين، السّياسة، الجسد.
  7. عائق الجنسيّة في ما يرتبط بالدّول العربيّة- من الملاحظ أنّ هناك أهمّيّة بالغة لتواجد الأديب الفلسطينيّ من الدّاخل في ملتقيات عربيّة كمعارض الكتاب وندوات ومؤتمرات ثقافيّة وأدبيّة وفنّيّة، رغم قلّة الدّعوات الّتي تصل إلى البلاد لأسباب تحفّظ  القائمين على هذه الفعّاليّات من الجنسيّة، رغم تقديرهم لحفاظ الأهالي على الوطن والتّشبّث بالأرض والعيش تحت وطأة المحتلّ. هذا وقد تتمّ ملتقيات في الغرب يكون فيها ضيوف عرب ممّا يمكّن فلسطينيّو الدّاخل من التّواصل مع نماذج من العالم العربيّ.

    ولا بدّ من إطلاق دعوة للسّلطة الفلسطينيّة متمثّلة بوزارة الثّقافة الفلسطينيّة لمساندة المبدع الحقيقيّ في الدّاخل، من خلال منحه وثيقة سفر مؤقّتة تمكّنه من زيارة الدّول العربيّة الّتي لا يستطيع دخولها بسبب عائق الجنسيّة، لتلبية دعوات أدبيّة وثقافيّة من شأنها أن تعرّف بالمساهمات النّوعيّة بشكل موضوعيّ، وتثبت حقيقيّة التّواصل مع العالم العربيّ فنحن جزء منه وهو كذلك.

وقد ذكرت الدّراسة عددًا من التّوصيات بغية التّأثير على تحسين مكانة المبدع والمبدعة في المؤسّسات التّعليميّة:

  1. استضافة كتّاب وشعراء محلّيّين ومحلّيات للتّعرّف على سيرهم الحياتيّة والانكشاف على تجربتهم الإبداعيّة (في أسبوع اللّغة العربيّة، في مسيرة الكتاب، ضمن فعّاليّات وطنيّة،...).
  2. عقد ندوات أدبيّة بمشاركة متبادلة بين الضّيوف الكتّاب والطّلّاب والطّالبات المتميّزين في الكتابة الإبداعيّة مثلًا.
  3. المشاركة بالحضور والتّواجد في ندوات لشعراء وكتّاب محلّيّين للانكشاف على الأجواء الإبداعيّة وعلى النّصوص.
  4. تخصيص حصص لمشاهدة أفلام وثائقيّة عن حياة كتّاب محلّيّين، أو مسرحيّات، أو تنسيق زيارات.
  5. محاولة بناء نواة لنادي قراءة في المدرسة.

دراسة


قراءات: 357 تعقيب أرسل لصديق طبــاعة
(تم تعطيل خاصية التعقيب بواسطة مسؤول الموقع)
 
تعقيبات القراء

لا يوجد تعقيبات!!

 
| صفحة البداية | كلمة المدير | منتديات | أكتبوا لنا | أخبر صديقك | صورة الموقع | جاليرية صور | أفلام فيديو |

Email WebMaster

   

Email School

حقوق الطبع محفوظة
مدرسة الجليل التجريبية - الناصرة