اهتم الناس منذ القدم بتفسير ظاهرة الزلزال، إلا أن أكثر تفسيراتهم لم تخرج عن كونها تفسيرات أسطورية قائمة على معتقدات خاطئة. فقد اعتقد الهندوس أن العالم مستقر على صفيحة فضية، محمولة على ظهور مجموعة من الفيلة، وأن الزلازل تحدث نتيجة لحركة تلك الفيلة.
وكان بعض العامة في كثير من البلاد يربطون بين حدوث الزلازل وبين وجود حيوان ضخم تحت الأرض، ويظنون أنه الذي يحركها عندما يقوم بحركات خاصة، إلا ان نوع هذا الحيوان يختلف من بلد الى آخر. ففي بلاد الشرق قيل: إن ثورا ضخما يحمل الأرض على قرنيه، وإن الأرض تهتز عندما ينقلها من قرن إلى آخر. وفي أمريكا: اعتقدوا أن هذا الحيوان سلحفاة ضخمة. وفي اليابان: اعتقدوا انه سمكة ضخمة يمكنها أن تهز الأرض بقوة فتحدث ارتجاجا.
واعتقدت بعض القبائل البدائية أن الزلازل ما هي إلا نوع من عقاب الآلهة؛ لذلك كانوا يحاولون كسب رضاها تحاشيا لهذا العقاب، وتقترب أسطورة رومانية من هذا الاعتقاد، فترى أن الكرة الأرضية تقف مستندة على ثلاثة أعمدة هي: الإيمان، الأمل والطهارة، فإذا حدث وانهار أحد هذه الأعمدة نتيجة لما يقترفه البشر من خطايا وذنوب، فإن الأرض تهتز.
أول تفسير علمي للزلازل
يعتقد بعض الباحثين أن الفيلسوف اليوناني أرسطو هو أول من قدم تفسيرًا مقبولاً لظاهرة الزلازل حيث أرجع حدوث الزلازل إلى الرياح المحبوسة في جوف الأرض، والتي تبحث عن منفذ لها، فتندفع خلال الصخور مما يؤدي الى حدوث الزلازل. وتفسير أرسطو لحدوث الزلازل، على الرغم من تعارضه مع النظريات العلمية الحديثة، الا انه يعد خطوة جريئة اعتمدت على التفسير العلمي بعيدًا عن الخرافات والأساطير.
اهتمام علماء المسلمين بالزلازل
لاقت ظاهرة الزلازل، كغيرها من الظواهر الطبيعية الأخرى، اهتماما وعناية علمية كبيرة لدى الكثير من العلماء المسلمين، ويأتي على رأس هؤلاء: الشيخ الرئيس ابن سينا، الذي كتب في موسوعته "الشفاء" آراءً، تعتبر من أفضل ما كتبه علماء المسلمين عن الزلازل، فقد أرجع ابن سينا أسبابها إلى تحرك بعض الأجسام داخل الأرض؛ مما يؤدي إلى تحرك قشرة الأرض وزلزلتها.
ويعتبر ابن سينا أول من اكتشف العلاقة التي تربط الزلازل بالبراكين؛ حيث أوضح أن الزلازل القوية يصاحبها عادة خسوف أرضي، وخروج كمية من النيران، يرافقها أصوات هائلة. ولم يكتفِ ابن سينا بذلك، بل أوضح أن حفر الآبار والمنخفضات تعمل على التقليل من الزلازل. وقسَّم الزلازل إلى أنواع: الزلازل الرأسية، والزلازل الأفقية، والزلازل المستقيمة، والزلازل المائلة، وغيرها.
وذكر ابن سينا بعض منافع الزلازل، وخصَّ بالذكر العيون المائية التي تتدفق من باطن الأرض عقب حدوث الزلازل. وهذه المعلومات التي قدمها تكاد تتطابق مع كثير مما جاء به العلم الحديث، على الرغم من قلة الأجهزة العلمية والموارد المتوفرة آنذاك. ولم يكن ابن سينا هو الوحيد الذي درس الزلازل، فقد كتب بعض علماء المسلمين عنها، ومنهم: الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل صاحب كتاب "تقويم البلدان"، والقزويني الذي تعرض لنشأة الزلازل وأنواعها في كتاب "عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات".
بتصرف عن:
- بعض الموسوعات العلمية
- مواقع انترنت عديدة |