عند شاطئ النسيان، رست باخرة ذكرياتي ونزلت أنا عن عرشي كعبدةٌ، واعتليت عرشي مرة أخرى ملكة لجسدي ولفكري ولإحساسي.
قررت لحظة نزولي من الباخرة ودخولي الجزيرة أن أنسى الماضي وأنساه. هو الذي عذبني مرارًا وتكرارًا وجعلني أنسى أنني أنثى، بل وأتمرد عليه، وقلت بكل جرأة وتمرد: "لقد طويت تلك الصفحة، الآن لا وجود له داخل حياتي، هو بكل بساطة أصبح من الماضي".
في تلك اللحظة قررت أن أتمرد على نفسي وأن أجبر نفسي التي هي ليست نفسي، بل نفس ذاك الشخص العنيد، الذي رفض أن يتقبلني وأصر على هجري ونسف أحلامي.
راجعت نفسي وفصلت مراجعتي وقررت الا أتذكره الآن، فأنا الآن في جزيرة النسيان، وشرط النسيان: أن أبات ليلة واحدة بدون أن أتذكر من أريد الا أتذكره، ولكن من ثقوب النسيان تسربت ذكراه إلى جسدي تلك الليلة، فرحت أتذكر كم أحببته وكم كرهت أن أكون معه.
مرّتِ الليلة وفشلت في أن أنسى، وكيف أنسى من لا يُنسى وما لا يُنسى؟ كيف أنسى سيدي، سيد جسدي، سيد نفسي، وسيد عقلي. كيف أنسى الحب الذي لا ينسى؟
مرّةً أخرى، أتى الليل المُشرَّد المشرِّد، وشرد أفكاري وشتت ذكرياتي، فقررت أن أنسى، ولكني لم أنسى، فخياله أتى هنا و"تقمص" خيالي، فبتّ ساهرةً أرقب البدر، ولكن في هذه الليلة الظلماء لا يوجد بدر، لقد نسيت أني في جزيرة النسيان حيث البدر أصبح منسيًا وجزء لا يتجزأ من الماضي الذي تم نسيان بعضه.
أنا الآن في حيرةٍ من أمري. لقد نسيت البدر ونسيت أسمي ولم أنسه. لقد حان الوقت كي أهرب، ولكن لقد نسيت كل شيء الا هو...
نداء (سيما) صوالحة - الثاني عشر "أ1"
|