أسير كل يوم... وكل ليلة أسير
أسير في شوارع المدينة، بعيدة عن بلادي
عن اقربائي بعيدة، عن كل شيء، فكل شيء هجرني
أفكاري هجرتني
ورودي هجرتني
صدرٌ ألقي عليه همومي
كتفٌ ألقي عليه دمعتي
حتى أن اوراقي هجرتني، وكل كلام في الحب جرح قلبي وهجرني...
لم يبقَ لي شيء في هذا العالم سوى قلمي، ففي كل ليلة أجلس على مسافة الرصيف
أنظر الى القمر، لعلني أرى شفاه أمي تقبلني، أو ابتسامة لتضحك لي الدنيا...
أسير في شوارع المدينة، أبحث عن أمي
هل سأجدها؟ لتقبلني او تضمني الى صدرها
بالتأكيد لا...
فمن يفقد الأشياء لا يملكها من جديد، ومن يملك الأشياء معرض لفقدانها...
أمي يا ملاكا تحمله الملائكة على عرش مكلل بالزهور
يا وردة تدمع كل صباح دمعة بيضاء
يا شمسا تدمع ذهبا على أطفال مشردين
يا قمرا يسهر ولا ينام ليزرع في مخيلتي الأحلام...
أماه يا وطنا أخضر، وحبا أخضر، واشجار عنب، لوز وزيتون
أماه يا زهرة يا زهرة لوز بيضاء وزهرة حب حمراء
أماه ايتها الكلمة التي ابحث عنها في مخيلتي وبين كلماتي
أماه يا قبلة زرعتها الشمس فوق جبين الورود...
اسير في شوارع المدينة
أبحث عن صدر أبكي عليه
فأنا زرعني القدر بعد غيابك في كل كتاب وفي كل حديقة أحزان...
غرسني القدر في سرير لا أرى فيه أي احلام
أماه لا زلت أسير في شوارع المدينة
أبكي أيامي
أبكي عمري الذي ضاع بحثا عن ذرة حنان
او ذرة محبة في هذا العالم الموحش
لا زلت أذكرك في قطرات المطر الخاطفة، الحارقة للعيون، القاتلة للجسد الميت
أموت بردا وصقيعا، اموت خوفا
لا حب يغطي جسدي الصغير
لا حنان ولا قبلات على الجبين
فهل ستعودين؟
وهل اسكن داخل قطرات الامل؟ بين الجفن والأهداب..
بالتأكيد ساسكنها، ايها الملاك الطاهر...
| 
