:: صفحة البداية :: شظايا أدبية
في المدرسة
في الموقع
نحن نتعلم
galil PLUS
مشاريع وبرامج

 

 
 
صفوريـــــــــــــــــة - فيصل طه
| 24/1/2004 | فيصل طه |
فيها... وعلى بعد تجاوز الخمسين من السنين.. مذ لحظة الخراب تلك.. التي فاقت القيامة.. والعهن المنفوش. فيها.. عدت وأطفالي الخمسة الى صخرة هنا في بلدتنا صفورية.. جلسنا.. واستمر الصمت جالسًا فينا.. وجدتني أشير الى ركام كان بنيانها وتشير الابنة الى قلعة شامخة شوهها الترميم، وأخرى تشير للخلف حيث كان البيت والحوض وبرج الحمام، وعين الابن تشير الى عين بالأمس كانت.
 
نشير جميعًا الى أشياء لم نرها حيّة من قبل، قد رويت لي من والدي وأقرانه ورويتها لأطفالي.. وارتوى خيال الواحد منا بصور اكـتملت روحًا وحياة.. وتململ السكون الذي غمرنا وأتتنا من الأعماق أصوات جموع الأهل حيث هم هناك.. بجوار الوطن في الخيام وبينها.. هناك حيث لا وطن.. ولا بيت.. ولا عين.. وأبصرنا معًا تاريخًا مدمّى وصرخات وعويلاً وأنينًا ودعاءات.. واحتباس الدمع في مآقي جبروت الرجال. مزيج حي وثائر تتزاحم جزيئاته في مخيلتنا الجماعية لتثقلنا همًا ومسؤولية.
 
انتابنا شعور الجسد الواحد.. نختزن نفس المعاني ونبصر نفس الصور، ونفس الأصوات نصغيها ونرقب نفس الأحداث وتلدغنا المشاعر والأحاسيس نفسها.
 
نظرت في الوجوه وحدّقت في الأعين، فرأيتها والأيادي جميعًا مندمجة وغارقة في رسم لوحة ألوانها الوطن، بلدة عامرة بأرضها وناسها تعتليها بيوت وساحات وتعتريها خضرة البساتين والآعشاب، ويقهر عتمتها شعاع الشمس وضوء القمر.
 
يرتسم الوطن أمامنا.. وصمت هائج يحيط أجواءنا. صمت فضّته للحظة ضحكة بريئة من طفلي.. ثم عاود الصمت سكونه.. وطويت اللوحة.. وتكشّفت لنا لوحة بيضاء جديدة سقطت على أديمها دمعة معتقة دوامها خمسون عامًا تلتها أخرى، فدمعة، فأخرى، فأخرى.. ثم تدفقت من كرة البلور جموع حية، وجوه سمراء تناطح الأعالي وأجساد تندفع بقوة وانسجام نحونا.. نحو القرية.. انهم ناسها عائدون اليها.. انهم أهلها عائدون اليها، هكذا نطقت ابنتي حنين.. اندفعنا اليهم واندفعوا الينا ومعًا نحو المستقبل.. حيث أشار ولدي الرضيع.
 
(الناصرة - صفورية)

خمســـــون عامـــا
 
خمسون عاما من الجد والجهد المتواصل، منذ ذاك البدء القاسي بُعيْد النكبة، من ليلها الدامس ونهارها الدامي، حيث زلزل الظلم زلزاله، انبثقت براعم الحياة من جديد تشق حياتها وتفتش عن بواعث الحياة وتتشبث بحبيبات الوطن شوقا ومحبة، وتعتصر من عتمة الليل قطرات ضوء تنير مشاربها نحو الآتي...
 
 

قراءات: 853 تعقيب أرسل لصديق طبــاعة
 
تعقيبات القراء

لا يوجد تعقيبات!!

 
| صفحة البداية | كلمة المدير | منتديات | أكتبوا لنا | أخبر صديقك | صورة الموقع | جاليرية صور | أفلام فيديو |

Email WebMaster

   

Email School

حقوق الطبع محفوظة
مدرسة الجليل التجريبية - الناصرة